هل الوباء من علامات الساعة

هل الوباء من علامات الساعة
هل الوباء من علامات الساعة

هل الوباء من علامات الساعة، وما دلائل ذلك؟ فمثل هذ السؤال يتردد كثيرًا لما نعانيه في الأيام الراهنة، ربما يكمن الأمر في أن الفيروس أثبت مدى فشل الدول المتقدمة وما تمتلكه من تطور تكنولوجي في التصدي لتبعات الفيروس وتجنبه، لنجد أن الدول العظمى مسبقًا هي من نالت أكثر التضرر من الوباء، وهو ما أثار الدهشة، لذلك من خلال موقع زيادة سنجيب عن سؤال هل الوباء من علامات الساعة، وذلك استنادًا إلى الآراء المختلفة في الأمر مع الأخذ بالرأي الأرجح المستند إلى السنة النبويّة.

هل الوباء من علامات الساعة

 

إن تفشي الوباء الحالي في جميع أنحاء العالم هو أمر غير مألوف عند الكثيرين، رغم أنه كان هناك منذ عهود بعيدة من الأوبئة ما يدمر قرى ومحافظات وبلاد بأكملها، لكن فيروس كورونا خصيصًا أخذ انتباه العالم أجمع له، فتسبب ذلك بدوره إلى حالة الرعب والفزع لدى الدول حكومات وشعوب.

هذا ليعلم الناس أنه لا يوجد شيء أعظم من قدرة الخالق عز وجل وحكمته في تسيير الأمور، فلا عتاد أو جيوش أو آلات تستطيع حماية الدولة من القضاء مهما بلغت ذروة تقدمها التقني والمعرفي، وقفت عاجزة عن معرفة الفيروس والوصول لعلاج يسحقه.

بسبب الفزع الناتج عند البعض، لجأوا لتفسير تلك الأحداث أنها من علامات القيامة، وكان هناك كمًا من التنبؤات، علاوةً على انتشار التحذيرات حول ضرورة الانتباه من اقتراب النهاية، باعتبار أن هذا الوباء علامة من علامات يوم القيامة، وهذا ما جعلنا نعني بضرورة الإجابة على سؤال هل الوباء من علامات الساعة أم لا…

كثُرت الآراء والافتاء في أمر اعتبار الوباء من علامات الساعة، واعتقاد أن الوباء من علامات الساعة لم يقتصر عند المسلمين فحسب، بل تعدى ذلك ليصل إلى العالم الغربي أيضًا، وكلٌ حسب اعتقاده.

فالغرب يعتقدون أن الوباء من علامات نهاية العالم وتذهب مخيلاتهم للأفلام والروايات التي سردت مثل هذه الأحداث من قبل، أما المسلمين فيستندون إلى الإشارة للسنة النبوية الشريفة في هذا الأمر، وعلى كل حال فهو أمر جدلي يستدعي منّا النقاش.

علامات الساعة

إن الرد على مثل ذلك الادعاء بأي حال أن الساعة لا يعلمها إلا الله، هكذا نعلم أنها من الأمور الغيبية، وتتجلى حكمة الخالق في جعلها غيبية، حتى يستعد لها الناس فيتميز هنا المؤمن الصادق المخلص، والغير صادق في إيمانه ووعده مع الله عز وجل.

لكن هناك علامات واضحة قد أخبرنا الرسول الكريم بها في غير موضع من الأحاديث، وقد عمل على تفسيرها الفقهاء والأئمة، بأنها إشارات تدل على اقتراب الساعة، وإذا ابتعدنا عن فكرة أنها من علامات الساعة الكبرى باعتبار أن ذلك من غير المنطقي لأن العلامات الكبرى هي الأكثر جللًا كما أنها معروفة وواضحة، تبقى فكرة أنها من العلامات الصغرى أمامنا، فلم لا وقد انتشرت بعض هذه العلامات بالفعل؟

نظرًا لأن العلامات الكبرى ليوم القيامة بداية من ظهور المهديّ المنتظر، مرورًا بأحداث عظيمة كنزول عيسى عليه السلام وحربه مع المسيخ الدجال، ما يستتبع انتصار المسلمين على اليهود في المعركة بينهم، وما يتبع ذلك من أحداث غير مألوفة بالمرة تنتهي بالنفخ في الصور وقيام الساعة، التي لا يعلم ميقاتها غيره سبحانه وتعالى.

إلا أنه من علامات الساعة الصغرى ما وقع قديمًا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كبعثته وموته، أما الذي أخبرنا به صلى الله عليه وسلم من علامات الساعة الصغرى، فنستدل به من الحديث الشريف.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فأخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قالَ: ما المَسْؤُولُ عَنْها بأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قالَ: فأخْبِرْنِي عن أمارَتِها، قالَ: أنْ تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَها، وأَنْ تَرَى الحُفاةَ العُراةَ العالَةَ رِعاءَ الشَّاءِ يَتَطاوَلُونَ في البُنْيانِ” (صحيح مسلم).

فعلاوةً على ما يؤكد به الحديث على صدق نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أنه يُبين أن ما يحيط بالعالم اليوم من ابتلاءات وفتن وشبهات هي من علامات الساعة الصغرى، فمن ضمن ما أخبر به الرسول أنه من علامات الساعة انتشار الموت بين الناس، مع كثرة موت الفجأة، وذلك من خلال انتشار عدة أسباب ما يعنينا منها حاليًا هو انتشار الأوبئة.

الدليل من القرآن الكريم

استكمالًا لحديثنا عن إجابة سؤال هل الوباء من علامات الساعة، نشير أنه ربما يرجع تفسير الوباء كإحدى علامات يوم القيامة، أن من آثاره هو كثرة أعداد الوفيات، وهو على حد ما نعلمه أنه وُرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، بكثرة القتل وقلة عدد الناس.

نشير إلى قول الله تعالى في سورة الأنعام: “وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” (الآية 17)، فالله عز وجل جعل الموت حقيقة مؤكدة، وغيبيّ علمه عند الله، لذلك إن كان الموت من الوباء فهو في منزلة الشهداء وهو قضاء الله في ميعاد موت عبده كما موته دون وباء بالمثل، لذلك في أي حال ينبغي الرضا والإيمان بقضاء الله وقدره، فهي من أهم أركان الإيمان.

فكما يقول الله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” (سورة الرعد الآية 11)، ليشير بذلك أن ظهور الأوبئة في الأمم والبلدان وما ينجم عنها من ابتلاءات واسعة ما هو إلا نوع من أنواع العقوبات من الله إذا كثر بالناس الفساد والعصيان، فهي عقوبة دنيوية، تُصبح عذابًا في الآخرة في حالة عدم اتعاظ مُدركيها وابتعادهم عن تلك المنكرات، ففي الحديث تحذير من الفساد والمعاصي.

الدليل من السنة النبوية

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أُعدُدْ ستًّا بين يدي الساعةِ: مَوتي، ثم فتحُ بيتِ المقدسِ، ثم مُوتانِ يأخذ فيكم كقُعاصِ الغنمِ، ثم استفاضةُ المالِ حتى يُعطَى الرجلُ مائةَ دينارٍ، فيظلُ ساخطًا، ثم فتنةٌ لا يبقى بيتٌ من العربِ إلا دخلَتْه، ثم هُدنةٌ تكون بينكم وبين بني الأصفرِ، فيغْدرون، فيأتونكم تحت ثمانينَ غايةً، تحت كلِّ غايةٍ اثنا عشرَ ألفًا” (صحيح البخاري).

ليكون الموت بالأوبئة بذلك منصوص عليه في علامات الساعة، فقيل في تفسير قول الرسول “الموتان” أنه الوقت الذي يٌسبب الكثير من الموت، كالطاعون قديمًا، حيث إن فناء الأمة بموت أعداد كبيرة فيها يأتي بسبب الأوبئة.

كما دلت الأحاديث أن الوباء يكون مقترن حدوثه بين الناس بسبب كثرة الفواحش والبغي بينهم والفساد في الأرض، فيكون إنذارًا لهم وابتلاءً، حتى يرجعوا إلى الطريق الصحيح مرة أخرى ويذكرون ربهم في وقت شدة البلاء.

كما نستدل هنا بالحديث الشريف: “خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ: لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ، حتى يُعْلِنُوا بها؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا” (صحيح الجامع).

حول الحديث عن إجابة هل الوباء من علامات الساعة، نذكر أن هناك أوبئة كثيرة غير فيروس كورونا الحالي، عانت منها العالم على مراحل مختلفة، وتمت معافاتهم بإذن الله تعالى، فلله الأمر من قبل ومن بعد هو على كل شيء قدير.

فإن صبر المؤمنون على الأوبئة كان لهم الجزاء والمعافاة من الابتلاء، أما من مات من الوباء فله منزلة الشهداء كما أشرنا، كما أنه جدير بالذكر هنا أن نشير أن أخذ الاحتياطات لا يُنافي التوكل، فالله قد أمر بعدم الوقوع في التهلكة، بل يجب أخذ الاحتياطات والحماية.

لكنه ورغم الوباء الذي يعاني منه العالم الحالي، يجب أن يستعد المؤمنون ليوم القيامة، لأن في غير ذلك نقمة وسخط، ولعلنا نفقه أن من مات فقد قامت قيامته، لذلك ليس علينا سوى الالتزام بأوامر الله والبعد عمّا نهى عنه، ونسأله صلاح الأحوال والخير في الدنيا والآخرة.

بناءً على ما تقدم، وبعد أن أشرنا إلى إجابة سؤال هل الوباء من علامات الساعة، وعلمنا متناقضات الآراء في ذلك الأمر، ينبغي ألّا تثير تلك الحقائق الفزع في نفسك وقلبك، فقضاء الله نافذ لا محالة مهما كانت الأمور، فما دمت على خطى الإيمان وواثقًا في قدرة الله تعالى، مؤمنًا بخير القضاء وشره فلا يُمكنك التفكير فيما ليس به جدوى، فما علامات الساعة إلا رحمةً من الخالق حتى يُعيدك إلى الصواب إن أنت انحرفت مع الهوى، ونتمنى من الله أن يُصلح حالنا وحالكم.