هل يعفى عن يسير النجاسة للموسوس
هل يعفى عن يسير النجاسة للموسوس؟ وما هي موجبات الطهارة؟ إن الطهارة هي أحد الأمور الأساسية التي يجب أن يعلمها المسلم جيدًا ويعلم أحكامها وموجباتها ونواقضها، ذلك لأن الصلاة لا تجوز على نجاسة بالإضافة إلى أن الطهارة هي أحد الصفات التي يجب توافرها في كل مسلم وذلك ما سوف نعرفه في موضوعنا من خلال موقع زيادة.
هل يعفى عن يسير النجاسة للموسوس؟
للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نعرف أن هذه المسألة هي محط خلاف بين الكثير من العلماء فإذا تناولنا رأي الإمام ابن تيمية فنجد أنه يرى أنه يعفى عن يسير النجاسات كلها وتكون الصلاة بها صحيحة وقد رجح الشيخ العثيمين هذا الرأي.
يسير النجاسة تبعًا لرأي ابن تيمية هو أمر يرجع إلى العرف فإذا كان العرف يحكم بكونها يسيرة فتعامل معها وفق هذا الحكم، كذلك نرى في بعض المذاهب الفقهية الأخرى أن يسير النجاسة يتحدد بقدر الدرهم وذلك من حيث المساحة، أما المالكية فهو قدر الأنملة العليا من إصبع الخنصر.
فإذا كنا نجيب عن سؤال هل يعفى عن يسير النجاسة للموسوس؟ فإن الإجابة تكون بالإيجاب وأن الصلاة تكون صحيحة إلا إذا رأى الشخص موضع النجاسة فمن الأولى أن يغسله حتى يكون قد احتكم إلى رأى من يرى عدم العفو عن النجاسة وإن كانت يسيرة، أي أن الشخص الموسوس بذلك يكون قد اجتنب الشبهات فلا يدخل إلى نفسه الشك.
اقرأ أيضًا: طريقة استخدام مسك الطهارة
أنواع الطهارة
في إطار إجابتنا عن سؤال هل يعفى عن يسير النجاسة للموسوس؟ فلا يسعنا إلا أن نتحدث عن الطهارة وأنواعها، فلا يخفى على أحد أن الطهارة من حيث كونها مصطلح ديني هي إزالة النجاسة والخبث أو رفع الحدث.
كذلك فإن الطهارة ليست للجسد فقط وإنما هي للقلب أيضًا وقد قسم العلماء الطهارة من حيث محلها وأيضًا من حيث كيفيتها لذلك سوف نوضح هذه الأقسام فيما يلي:
أولًا: الطهارة من حيث المحل
تنقسم الطهارة من حيث محلها إلى نوعين سوف نوضح كلًا منهما فيما يلي:
1- الطهارة الحسية
الطهارة الحسية تكون بإزالة الحدث أو النجاسة وهي نصف الإيمان وفقًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمانِ) وتكون الطهارة الحسية عن طريق الغسل أو الوضوء أو التيمم.
2- الطهارة المعنوية
هذه الطهارة محلها القلب والعقل حيث يقول الشخص بالتخلص من الشرك والكبر والمعصية وكل الأفكار التي تبعد عن طاعة الله وتكون عن طريق التوحيد بالله وعدم الشرك به وكذلك طاعة الله والإيمان به والتوبة له توبةً نصوحة.
ثانيًا: الطهارة من حيث كيفية إزالتها
في صدد إجابتنا عن سؤال هل يعفى عن يسير النجاسة للموسوس؟ يجب أن نوضح أن العلماء قد قسموا الطهارة من حيث كيفية إزالتها إلى قسمين سوف نوضحهما فيما يلي:
1- الطهارة حكمية
هي إزالة الحدث أو النجاسة عن البدن وذلك عن طريق الغسل أو الوضوء أو حتى التيمم عند تعذرهما وعرف الإمام النووي الطهارة الحكمية بأنها رفع الحدث أو ما على صورته أو معناه، أما أصحاب المذهب الحنفي فقد رأوا أنها رفع أي شيء من شأنه أن يمنع الصلاة.
2- الطهارة الحقيقية
تكون هذه الطهارة بالبعد عن أي من الأشياء التي يراها الشرع قذرة أو خبيثة وتكون في البدن أو الثوب أو المكان عن طريق التنزه عنها، كما نجد أن بعض العلماء قد قسموا الطهارة إلى طهارة الحدث (الكبرى) عن طريق الغسل و(الصغرى) عن طريق الوضوء.
لكن عند تعذرهما يمكن التيمم، والقسم الآخر هو طهارة الخبث ويكون إما بالغسل أو المسح أو النضح.
اقرأ أيضًا: تجاربكم مع مناديل مسك الطهارة
شروط وجوب الطهارة
بما أننا قد أجبنا عن سؤال هل يعفى عن يسير النجاسة للموسوس؟ وقد تطرقنا للحديث عن الطهارة فمن الضروري أن نتناول الشروط التي يجب عندها الطهارة وذلك فيما يلي:
- الإيمان بالله: حيث لا تجب الطهارة على الكافر حتى يؤمن وعند إيمانه فلا يكون عليه أداء ما فاته من العبادات وكذلك المرتد فعند رجوعه للإسلام لا يؤدي ما فاته، فيمكننا القوم أن الطهارة واجبة على المؤمنين بالله فقط وذلك لقول الله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ).
- توقف دم الحيض أو النفاس: عندما تنتهي أيام الحيض أو النفاس ويرتفع الدم يصبح من الواجب على النساء المسلمات الغسل للتطهر.
- القدرة على الفعل: إذا كان الشخص قادرًا قدر الإمكان على التطهر فإنه يجب عليه فعل ذلك ولا يعفى منه.
- العاقل: تجب الطهارة على كل عاقل حيث لا يكلف بها المجنون أو المغمى عليه حتى يفيق وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنَّ القلَمَ قد رُفِعَ عن ثلاثةٍ: عن المجنونِ حتى يبرَأَ، وعن النائمِ حتى يستيقِظَ، وعن الصبىِّ حتى يعقِلَ)
- توفر الماء أو التراب الطاهر: رأى بعض العلماء أن من لم يتوافر لديه الماء أو التراب الطاهر فإن عليه أن يصلى ثم يقضي صلاته بعد أن يتسنى له أن يتطهر ورأى البعض الآخر أن عليه ألا يصلي وعليه القضاء بعد ذلك، فإذا توافر الماء أو التراب الطاهر فإن الطهارة تصبح واجبة على المسلم.
- البلوغ: عند بلوغ الشخص سن البلوغ يصبح من الواجب عليه أن يتطهر ويختلف سن البلوغ عن أصحاب كل مذهب، ولكن من المعروف أن مرحلة البلوغ لها علامات مميزة كالاحتلام عند الصبية والحيض عند الفتيات، كذلك تعامل طهارة كصلاة بحيث يأمر بها الصبي من سبع ويضرب عليها من عشر.
- نوم أو النسيان أو الإكراه: يجب على المؤمن التطهر عندما يقع في أيًا من هذه الحالات الثلاثة.
- دخول الوقت: أي عند تذكر الصلاة الفائتة أو دخول وقت الصلاة الحاضرة.
موجبات الطهارة
إذا كنا قد أجبنا عن سؤال هل يعفى عن يسير النجاسة للموسوس؟ فيجب علينا أن نوضح أن هناك بعض الأمور التي يجب عندها التطهر سواء عن طريق الوضوء أو الغسل لذلك فإننا سوف نوضح موجبات الطهارة فيما يلي:
أولًا: موجبات الوضوء
هناك أكثر من عبادة يجب الوضوء قبلها وسوف نوضح كلٍ منها فيما يلي:
- صلاة: من المعروف أن الصلاة سواء كانت فرضًا أو نافلة لا تصح إلا بعد الوضوء وذلك لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ).
- يجب الوضوء قبل مس المصحف.
- الطواف: وهو أحد موجبات الوضوء وذلك وفقًا لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة رضي الله عنها: (افْعَلِي ما يَفْعَلُ الحَاجُّ غيرَ أَنْ لا تَطُوفي بالبَيْتِ حتَّى تَطْهُرِي).
كذلك فهناك بعض الأمور التي تنقض الوضوء وتستوجب تجديد الوضوء بعدها وسوف نوضحها فيما يلي:
- زوال العقل: إذا كان عن طريق النوم أو الجنون أو شرب الخمر أو الإغماء فإنه ينقض الوضوء.
- الردة: اختلف العلماء في كون الردة من موجبات الوضوء وأنه تنقضه أم لا.
- الخارج من السبيلين: كخروج البول أو الغائط وذلك احتكامًا لقول الله تعالى: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا).
- أو خروج الريح بشرط أن يكون معه صوت أو نتن وذلك لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أنَّهُ شَكَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الرَّجُلُ الذي يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّه يَجِدُ الشَّيْءَ في الصَّلَاةِ؟ فَقالَ: لا يَنْفَتِلْ -أوْ لا يَنْصَرِفْ- حتَّى يَسْمع صَوْتًا أوْ يَجِدَ رِيحًا).
- أكل لحم الإبل: يرى الإمام أحمد أن أكل لحم الإبل ينقض الوضوء ولا تتفق معه الأئمة الأخرى.
- نزول المني: حتى وإن كان بغير شهوة فإنه ينقض الوضوء.
- تغسيل الميت: يرى الحنابلة أن تغسيل الميت من موجبات الوضوء وخالفهم جمهور العلماء هذا الرأي.
- مس الفرج باليد: يرى المالكية والحنابلة أن مس الفرج سواء كان قبلًا أو دبرًا ينقض الوضوء وخالفهم في الرأي أصحاب المذهب الحنفي إلا أن بعض العلماء يرون أنه يستحب الوضوء بعد مس الفرج.
- مس المرأة بشهوة: رأى بعض العلماء أنه لا ينقض الوضوء إلا عند خروج شيء منه بينما رأى البعض أنه منقض للوضوء مطلقًا.
اقرأ أيضًا: دعاء الطهارة من الدورة الشهرية
ثانيًا: موجبات الغسل
أجبنا فيما سبق عن سؤال هل يعفى عن يسير النجاسة للموسوس؟ وقد فتح أفقنا إلى ما هو أبعد من ذلك فسوف نوضح الأمور التي تستوجب الغسل وذلك كالآتي:
1- الحيض أو النفاس
إذا كانت المرأة في وقت الحيض أو النفاس وقد توقف الدم عن النزول فإن ذلك يستوجب أن تتطهر وتغتسل من الدم وذلك وفقًا لقول الله تعالى:
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُل هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ).
2- الدخول في الإسلام
يرى أصحاب المذهب المالكي والحنابلة أن دخول الشخص في الإسلام يستوجب أن يقوم بالاغتسال والتطهر.
3- خروج المني
فيما سبق قد أجبنا عن سؤال على يعفى عن يسير النجاسة للموسوس؟ وذلك ما يستدعي أن نوضح أن خروج المني سواء من الرجل أو المرأة سواء في النوم أو في اليقظة يستوجب التطهر بالاغتسال وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّما المَاءُ مِنَ المَاءِ).
بينما نجد أن أصحاب المذهب المالكي والحنفي والحنبلي يرون أن خروج المني يجب أن يكون لشهوة حتى يكون الغسل منه واجبًا حين أن المذهب الشافعي رأى ضرورة الغسل من المني على الإطلاق.
4- تغسيل المتوفى
يرى الحنفية وبعضًا من أصحاب المالكية والشافعية والحنابلة أن من مات محرمًا وجب تطهيره بالغسل وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وسِدْرٍ، وكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْهِ) ويستثنى من هذا الحكم الشهيد.
5- التقاء الختانين
يعد هذا الحكم من الأحكام المتفق عليها وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جَلَسَ بيْنَ شُعَبِها الأرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدَها فقَدْ وجَبَ الغَسْلُ) وفي حالة وصول المني إلى الفرج المرأة دون أن يحدث إيلاج فلا غسل للمرأة وذلك عند جمهور العلماء.
اقرأ أيضًا: كيفية الطهارة من الحيض وعلامات انتهاءه
كيفية إزالة النجاسة
عندما أجبنا على سؤال هل يعفى عن يسير النجاسة؟ لم نذكر حينها الطريقة التي يمكن للشخص من خلالها أن يزيل النجاسة عن الشيء الذي تنجس لذلك نقول إنه إذا كان مسبب النجاسة شيء سائل كالبول فيكفي أن يفرغ عليه الماء حتى يزول أما إذا كان شيء يابس كالغائط فيتم فركه.
لابد أن نوضح أن الأصل في إزالة النجاسات يكون عن طريق الماء أو ما يشبه مثل الثلج أو البرد كذلك يجوز الإزالة بالتراب الطاهر أو بالحجارة أو بالمناديل، والأصل في الإزالة هو إزالة لونها ورائحتها وأن تصبح غير مرئية أما إذا كان من الصعب إزالة أثرها كالدم المتجلط فلا حرج في ذلك.
إن الطهارة هي أمر لا يمكن التهاون به بالنسبة للمسلم فلا يصح إيمانه بدون أن يكون طاهر، كذلك لن تصح عباداته وهو نجس.
