هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم

هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم
هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم

هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم سؤال يطرحه العديد من الأشخاص لرغبتهم في التعرف على إجابة واضحة ومحددة له، ولكن هذا الموضوع من الموضوعات التي اختلف العلماء فيها ولكل واحد منهم دليل من الكتاب والسنة على صحة رأيه، ومن خلال هذ المقال سنتعرف على أهم الآراء التي ذُكرت في الإجابة على سؤال هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم بالتفصيل عبر موقع زيادة

هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم

هناك عدة أراء فقهية قد ذكرت في هذا الموضوع والذي يدور حول معاقبة الله للأبناء بسبب معاصي قد أقترفها الآباء، ومن أهم هذه الآراء ما يلي:

1- الرأي الأول

وهذا الرأي يعتمد على القاعدة الشرعية والتي تنص على أن الله تعالى لا يؤاخذ أحد من عباده بجريرة غيره، أي أن الله سبحانه وتعالى لا يعاقب أحد بذنب أحد لذا فإن الأبناء لا يعاقبهم الله تعالى على ذنوب قد أقترفها آبائهم خلال حياتهم، واستدلوا في رأيهم ذلك بالآتي:

  • قول الله تعالي في كتابه الكريم (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى..) الأنعام (164).
  • واستدلوا أيضاً بالحديث الشريف الذي رواه سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه أنه قال: “سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: ألا لا يجني جان إلا على نفسه، لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده” رواه ابن ماجه.

نوصي أيضًا لمزيد من المعلومات بقراءة: وصايا الرسول تربية الأبناء والأساليب الصحيحة للتعامل مع الأطفال

2- الرأي الثاني

والذي يرى أن صلاح حال الآباء في الدنيا والدين يعود على الأبناء بالخير والمنفعة، وأن فساد أحوالهم الدينية والدنيوية يكون السبب في البلاء الذي يقع على الأبناء في دنياهم بعد ذلك، واستدلوا على صحة رأيهم هذا بالآتي:

  • ذُكر في كتاب الله الكريم حيث قال (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) الآية 9 من سورة النساء.
  • واستدلوا بالغلامين التي جاءت في قصة موسى عليه السلام والخضر وذلك في قوله تعالى {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: 82] . حيث ذكر في تفسير هذه الآية ان هذا الأب الصَّالِحُ هُوَ الْجَدُّ السَّابِعُ لِأُمٍّ.
  • واستدلوا بالحديث القدسي الذى رواه أحمد عن وهب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قال ( أنى إذا أطعت رضيت ، وإذا رضيت باركت ، وليس لبركتي نهاية ، وإذا عُصيت غضبت ، وإذا غضبت لعنت ، ولعنتي تبلغ السابع من الولد).
  • وقد قال الهيتمي: فَالْقِصَاصُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيك أُخِذَ مِنْ ذُرِّيَّتِك.
  • وقد قال ابن القيم:(وَقَدْ دَلَّ الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ وَالْفِطْرَةُ وَتَجَارِبُ الْأُمَمِ – عَلَى اخْتِلَافِ أَجْنَاسِهَا وَمِلَلِهَا وَنِحَلِهَا – عَلَى أَنَّ التَّقَرُّبَ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَطَلَبِ مَرْضَاتِهِ، وَالْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ إِلَى خَلْقِهِ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ الْجَالِبَةِ لِكُلِّ خَيْرٍ، وَأَضْدَادَهَا مِنْ أَكْبَرِ الْأَسْبَابِ الْجَالِبَةِ لِكُلِّ شَرٍّ، فَمَا اسْتُجْلِبَتْ نِعَمُ اللَّهِ، وَاسْتُدْفِعَتْ نِقْمَتُهُ، بِمِثْلِ طَاعَتِهِ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى خَلْقِهِ).

نوصي أيضًا لمزيد من المعلومات بقراءة: لا يدخل الجنة قاطع | أهمية صلة الرحم في القرآن والسنة

رد أصحاب الرأي الثاني على استناد أصحاب الرأي الأول

وقد ردوا أصحاب الرأي الثاني وهو أن معاصي الآباء يعاقب عليها الأبناء على من استدلوا بقوله تعالي في كتابه الكريم { ولا تزر وازرة وزر أخرى } الإسراء : 15 ، وقال { كل نفس بما كسبت رهينة} المدثر : 38، وقال { كل امرئ بما كسب رهين } الطور : 21.

بأن الله تعالى لا يعاقب أحدًا بذنب أحد أن هذه الآيات وغيرها مما يعطي نفس المعنى يكون المقصد منها أن الله تعالى لا يعاقب أحد بذنب أحد يوم القيامة عند الحساب والجزاء فعندها كل شخص يحاسب على عمله فقط سواء خيراً أو شراً.

أما الأمور الدنيوية قد يعاقب البريء بسبب ذنب قد وقع فيه غيره عندما يكون هناك عقاب عام كالخسف والزلزال بسبب انتشار المعاصي وشيوعها بين القوم، والدليل على ذلك ما يلي:

  • ما ورد في الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال ” يغزو جيش الكعبة ، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على قدر نياتهم”.
  • كما أنه قد ورد في بعض الأدعية الصحيحة ( لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا)، ويدل ذلك على أن الأبناء وغيرهم يؤخذون بذنوب آبائهم ومن حولهم إذا كثر الفساد وعم وطغى عن حده ويكون ذلك الأخذ في الدنيا.
  • كما أن كراهية الناس للآباء بسبب إجرامهم وسوء طباعهم يرثها الأبناء فيبغضهم الناس ويبتعدوا عنهم وينفروا منهم حتى لو كانوا صالحين، ولكن سيعوض الله الأبناء إن كانوا أهل خير في أخرتهم.
  • لذا فقد وصانا الدين الحنيف أن نتخير الزوج والزوجة الصالحين حتى نرجو بذلك صلاح الأولاد فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن أوصى المسلمين باختيار الزوجة الصالحة حيث قال ( تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس ).

نوصي أيضًا لمزيد من المعلومات بقراءة: حقوق الطفل وواجباته في المدرسة والتعليم والشارع والإسلام

الخلاصة في 4 نقاط

  • هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم ؟ يوجد عدة آراء فقهية حول هذا الموضوع منهم رأي مؤيد وآخر لا، وكل منهم استدل على رأيه بآيات من القرآن الكريم والأحاديث النبوية.
  • الرأي الأول لا يؤيد ذلك حيث إن الله سبحانه وتعالى لا يعاقب أحدًا بذنب أحد واستدلوا في رأيهم ذلك لقول الله تعالي في كتابه الكريم (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى..).
  • الرأي الآخر يرى أن الله سبحانه وتعالى قد يعاقب الأبناء على اقتراف خطأ الآباء واستدلوا في رأيهم ذلك بقول الله تعالي (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا).
  • لقد رد أصحاب الرأي الثاني على استدلال أصحاب الرأي الأول بأن الله تعالى لا يأخذ أحد بذنب غيره وذلك يكون يوم القيامة فقط وليس في الأمور الدنيوية عندما يكون هناك عقاب عام كالخسف والزلزال بسبب انتشار المعاصي وشيوعها بين القوم.