هل يجوز التستر على الزانية المتزوجة
هل يجوز التستر على الزانية المتزوجة من الأسئلة التي يمكن ألا تلقى إجابتها القبول من البعض، حيث إن الزنا في الشرع الإسلامي عقابه كبير، وبين المجتمع العربي فإن وقعه كبير، وأثره جلل، وفي التالي سوف نتعرف إلى بعض التفاصيل الخاصة بهذا الموضوع من خلال موقع زيادة.
هل يجوز التستر على الزانية المتزوجة
لا أحد معصوم من الخطأ، فالكل يمكن أن يقع في الأخطاء والذنوب مهما بلغت عفته وتقواه لله، وعندما تزني المرأة المتزوجة فإنه يجوز سترها في حالة أن تابت إلى الله تعالى، ويؤجر الزوج على ستره لها، فالذين يفضلون الفضيحة والجهر يعذبهم الله في الدنيا والآخرة، فيقول الله تعالى:
(إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ) [سورة النور – الآية 19].
كما أن الرسول الكريم يحثنا على الستر، فعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “المسلِمُ أخو المسلمِ لا يظلِمُهُ ولا يُسلِمُه“ [حديث صحيح – صحيح البخاري وصحيح مسلم].
حد الزنا للمرأة المتزوجة
في سياق الحديث في موضوع هل يجوز التستر على الزانية المتزوجة نتعرف على معلومة هامة، ألا وهي أن عقوبة المرة الزانية المتزوجة مثل عقوبة الرجل المتزوج الزاني ألا وهي الرجم حتى الموت.
فعن بريدة بن الحصيب الأسلمي في الحديث الطويل عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول: “جَاءَ مَاعِزُ بنُ مَالِكٍ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، طَهِّرْنِي، فَقالَ: وَيْحَكَ! ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إلَيْهِ، قالَ: فَرَجَعَ غيرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ جَاءَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، طَهِّرْنِي، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: وَيْحَكَ! ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إلَيْهِ، قالَ: فَرَجَعَ غيرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ جَاءَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، طَهِّرْنِي، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِثْلَ ذلكَ، حتَّى إذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ قالَ له رَسولُ اللهِ: فِيمَ أُطَهِّرُكَ؟ فَقالَ: مِنَ الزِّنَى، فَسَأَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَبِهِ جُنُونٌ؟ فَأُخْبِرَ أنَّهُ ليسَ بمَجْنُونٍ، فَقالَ: أَشَرِبَ خَمْرًا؟ فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهُ، فَلَمْ يَجِدْ منه رِيحَ خَمْرٍ، قالَ: فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَزَنَيْتَ؟ فَقالَ: نَعَمْ، فأمَرَ به فَرُجِمَ، فَكانَ النَّاسُ فيه فِرْقَتَيْنِ؛ قَائِلٌ يقولُ: لقَدْ هَلَكَ؛ لقَدْ أَحَاطَتْ به خَطِيئَتُهُ، وَقَائِلٌ يقولُ: ما تَوْبَةٌ أَفْضَلَ مِن تَوْبَةِ مَاعِزٍ؛ أنَّهُ جَاءَ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ في يَدِهِ، ثُمَّ قالَ: اقْتُلْنِي بالحِجَارَةِ، قالَ: فَلَبِثُوا بذلكَ يَومَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً، ثُمَّ جَاءَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهُمْ جُلُوسٌ، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، فَقالَ: اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بنِ مَالِكٍ، قالَ: فَقالوا: غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بنِ مَالِكٍ، قالَ: فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لقَدْ تَابَ تَوْبَةً لو قُسِمَتْ بيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ. قالَ: ثُمَّ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِن غَامِدٍ مِنَ الأزْدِ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، طَهِّرْنِي، فَقالَ: وَيْحَكِ! ارْجِعِي فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إلَيْهِ، فَقالَتْ: أَرَاكَ تُرِيدُ أَنْ تُرَدِّدَنِي كما رَدَّدْتَ مَاعِزَ بنَ مَالِكٍ، قالَ: وَما ذَاكِ؟ قالَتْ: إنَّهَا حُبْلَى مِنَ الزِّنَى، فَقالَ: آنْتِ؟ قالَتْ: نَعَمْ، فَقالَ لَهَا: حتَّى تَضَعِي ما في بَطْنِكِ، قالَ: فَكَفَلَهَا رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ حتَّى وَضَعَتْ، قالَ: فأتَى النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: قدْ وَضَعَتِ الغَامِدِيَّةُ، فَقالَ: إذنْ لا نَرْجُمُهَا وَنَدَعُ وَلَدَهَا صَغِيرًا ليسَ له مَن يُرْضِعُهُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ: إلَيَّ رَضَاعُهُ يا نَبِيَّ اللهِ، قالَ: فَرَجَمَهَا” [حديث صحيح – صحيح مسلم].
اقرأ أيضًا: كفارة الزنا الغير كامل
حد الزنا لغير المتزوجة
سؤال هل يجوز التستر على الزانية المتزوجة من الأسئلة التي تُحفز العقل ليسأل أسئلة أخرى، مثل السؤال عن عقوبة الزانية الغير متزوجة، وهو الأمر الذي لا يختلف كثيرًا عن الرجل الزاني الغير متزوج، وتكون عقوبتهم الجلد مائة جلدة، فيقول الله تعالى:
(ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجۡلِدُواْ كُلَّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا مِاْئَةَ جَلۡدَةٖۖ وَلَا تَأۡخُذۡكُم بِهِمَا رَأۡفَةٞ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۖ وَلۡيَشۡهَدۡ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ) [سورة النور – الآية 2].
هل يجوز للزانية أن تقيم الحد على نفسها
لا يمكن أن يتم ذلك، لأن العقاب يجب أن يتم بواسطة ولي الأمر أو من ينوبه، ولكن إن تابت المرأة وعادت وأنابت فإن الله غفور رحيم ويسقط عنها الحكم، وذلك ما رآه جمهور أهل العلم استنادًا إلى قول الله تعالى:
(إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبۡلِ أَن تَقۡدِرُواْ عَلَيۡهِمۡۖ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ) [سورة المائدة – الآية 34].
عقوبة الزنا في الآخرة
مما لا شك فيه أن الله يحاسب عباده في الآخرة ويعاقبهم على ما اقترفوه من ذنوب، وفي حالة الزنا فإن العقوبة تكون متمثلة في عدم نظر الله تعالى إليهم يوم القيامة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – :
“ ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهمُ اللَّهُ عزَّ وجَلَّ يومَ القيامة: الشَّيخُ الزَّاني، والعائلُ المزْهوُّ، والإمامُ الكذَّابُ” [حديث حسن صحيح –صحيح النسائي].
هل يجب طلاق الزوجة الزانية
تعرفنا فيما سبق أثناء الإجابة عن سؤال هل يجوز التستر على الزانية المتزوجة أن الستر والعفو عمن تابت من شيم المسلم ويجزيه الله الخير عن ذلك، كما أنه ليس من الصوات أن يُطلقها مادامت قد تابت وأنابت إلى الله تعالى.
اقرأ أيضًا: كفارة الزنا قبل الزواج
انتساب ولد الزنا إلى الزاني بعد الزواج
قد ينتج عن الزنا أن تحمل المرأة بطفل، وهو يُنسب إليها في حالة لم تكن متزوجة ولا يُنسب إلى من زنت معه، كذلك إن تزوجت بعد ذلك فالولد لا يُنسب إلى الرجل أيضًا، أما في حالة كانت المرأة متزوجة قبل ارتكاب الخطيئة ستة أشهر أو أكثر ففي هذه الحالة يُنسب الولد إلى أبيه، وذلك بناءً على ما رواه أبو هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:
“الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ” [حديث صحيح – صحيح البخاري].
هل تُقبل صلاة الزانية
إن الصلاة فريضة كتبها الله تعالى وهو الذي يقبلها أو لا يقبلها، فمن الممكن أن يقبلها من العبد العاصي المُذنب مهما بلغت ذنوبه، ومن الممكن ألا يقبلها من الغير مذنب، لذلك فيجب على الزانية ألا تتوقف عن الصلاة بحجة أنها ارتكبت الفاحشة.
شروط تمام الزنا
توجد مجموعة من الشروط التي لابد من تحققها أو وقوعها حتى يتم اعتبار أن ما حدث زنا ويُقام على المذنبين الحد، وهذه الشروط كالتالي:
- إقامة علاقة زوجية كاملة.
- اعتراف الرجل أو المرأة بارتكاب الفاحشة.
- شهادة من أربع رجال محل ثقة، بأنهم رأوهم رؤية مباشرة يمارسون الفاحشة.
- في حالة سقط أحد الشروط السابقة يسقط حد الزنا.
اقرأ أيضًا: علامات قبول التوبة من الزنا
الآثار السلبية للزنا على الفرد والمجتمع
الزنا من الذنوب التي تترك أثرًا مباشرا على الفرد وعلى المجتمع، ويتمثل ذلك فيما يلي:
- ضياع الأنساب.
- دمار المجتمعات.
- انتشار الفاحشة والبغضاء.
- كثرة الجرائم.
- نزول غضب الله.
- سريان الفقر والأوبئة.
إن الزنا يمثل ضربة قاضية لشرف كل من الرجل والمرأة ودمار لحياتهم، فمن المهم أن يعف المرء نفسه خوفًا من الله وخوفًا على حياته.
