اسرار سبوح قدوس رب الملائكة والروح
اسرار سبوح قدوس رب الملائكة والروح كثيرة ومتعددة، حيث إن الدعاء السليم يجب أن يتم بذكر أحد أسماء الله الحسنى قبل البدء في الدعاء كما أنه تم ذكر الكثير من الأحاديث النبوية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقوم بالدعاء باستخدام أسماء الله الحسنى ومنهم هذا الدعاء الذي ذُكر عنه أنه يقوم المصلي بتكراره أثناء السجود وأثناء الركوع لذا سنقوم عبر موقع زيادة بذكر حديث صحيح يثبت صحة كلامنا كما سنقوم بشرح معنى الدعاء بالتفصيل في السطور القادمة.
اسرار سبوح قدوس رب الملائكة والروح
للإسلام أركانه التي يعلمها كل مسلم عاقل ونحن كمسلمون نقتدي بالسنة النبوية والحديث الشريف في تعلم أركان ديننا، كما أن إتباع نبي الله صلى الله عليه وسلم من السنة التي ستحشرنا معه في أعلى درجات الجنة يوم القيامة بإذن الله، روَّت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها فقالت: “أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يقولُ: في رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ المَلَائِكَةِ والرُّوحِ” صحيح مسلم.
يُذكر في هذا الحديث أحد السنن التي كان نبينا الكريم يقوم بها في حياته وهي سنة الدعاء أثناء الركوع في الصلاة، ولكن ليس دعاءً عاديًا بل كان عليه أفضل الصلاة والسلام يقول أثناء ركوعه “سبّوح قدّوس” وباقي الدعاء السابق ثم يقوم بدعاء أي أدعية أخرى، لذا من السنة أن نقوم بدعاء كما دعا حبيبنا ونبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وسنقوم من خلال موضوعنا بذكر معنى هذا الدعاء وفضله.
اقرأ أيضًا: آيات قرآنية لتهدئة النفس والروح
تفسير العلماء لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم
في سياق التحدث عن اسرار سبوح قدوس رب الملائكة والروح يمكن أن نذكر معنى هذا الدعاء فلنبدأ بذكر معنى كل كلمة من الحديث فيما يلي:
1- السبوح القدوس
تم ذكر الصفتين على وزن فعّول وهي صيغة مبالغة ولكنها من صيغ المبالغة التي لم يستعملها العرب كثيرًا في حديثهم في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فعدد المرات التي تم استخدام فيها تلك الكلمة في لغة العرب لا تكاد تُعد على أصابع اليد، والمراد بذكر تلك الكلمات بتلك الصيغة هو التنزيه، السبوح هو المبرأ والمنزه عن النقائض وكل ما لا يليق بالألوهية وكذلك المبرأ من الشريك أما القدوس: فهو المقدس والمطهر والمنزه عن كل ما لا يليق بالخالق.
قال العلماء أن اللفظتان تدلان على التنزيه كما اختلفوا في محاولة إظهار الفرق بين الكلمتين حيث قال بعضهم أن المعنى واحد والغرض واحد وهو التنزيه الإجمال، وقال البعض بأن الهدف واحد ولكن الغرض مختلف؛ فالغرض من لفظ السبّوح هو تنزيه الذات والغرض من لفظ القدّوس هو تنزيه الصفات.
كما ذكر بعض العلماء بأن لفظ السبوح مأخوذ من التسبيح والمقصود بيه التنزيه، أما لفظ القدوس مأخوذ من التطهير فالمكان المقدس هو المكان المطهر وأن تقوم بالإشارة إلى شيءٍ ما تقوم هذا مقدس معناها أن هذا الشيء مطهر، كما أن اللفظين يستخدمان سويًا في أغلب المواضع فنقول أثناء الذكر” نحن نسبح بحمدك ونقدس لك”، كما يقال “ننزهك متلبسين بحمدك ونقدس لك”.
أشار بعض أهل العلم والسنة أن ذكر لفظي سبوح وقدوس متتاليين يدل على التطهير والتعظيم وأن المعنى العام من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم هو التقدير ويقولون إنه عليه أفضل الصلاة والسلام يقصد بدعائه أن يقول” ركوعي وسجودي بمن هو سبوح وقدوس رب الملائكة والروح”، فيقولون إنه واجب علينا ترديد ركوعي لمن هو سبوح وقدوس مع بقية الدعاء إذا كنت راكعًا، أما إذا كنت ساجدًا فيجب أن تقول سجودي لمن هو سبوح وقدوس رب الملائكة والروح.
2- رب الملائكة والروح
كذلك فإن علماء السنة والتفسير قد اختلفوا في المعنى المقصود بالروح فقال بعضهم أن الروح هي التي هي موجودة في جسم الإنسان وهو على قيد الحياة وقال البعض الآخر بأن الروح المقصود بها جبريل عليه السلام أو مقصود بها ملائكة معينين.
كذلك يقولون إن عطف الملائكة على الروح يمثل أسلوب عطف بعطف العام على الخاص وذلك في حال كان المعنى من الروح هو جبريل عليه السلام، ومن الوارد جدًا ان يكون المعنى بالروح هو جبريل حيث إنه من الملائكة التي عظم الله شأنها ورفع قدرها فوق الملائكة أجمعين، وعامةً الأقوال الأكثر ترجيحًا أن الروح هنا هو مَلَك سواء كان جبريل أم لا.
اقرأ أيضًا: الفرق بين جبريل وجبرائيل
استخدام ألفاظ الدعاء في القرآن الكريم
بعد أن ذكرنا اسرار سبوح قدوس رب الملائكة والروح وقمنا بتفسير الألفاظ المذكورة في الحديث تفصيلًا، هناك بعض الآيات القرآنية التي ظهرت فيها تلك الألفاظ بنفس المعاني المقصودة من الدعاء، وسنقوم بذكر تلك الآيات في السطور التالية:
أولًا: ظهور لفظيّ السبوح والقدوس
من اسرار سبوح قدوس رب الملائكة والروح إن لفظي السبوح والقدوس أو التسبيح والتقديس تم ذكرهما في آيات متعددة من المصحف الشريف وأحيانًا كان يتم ذكر لفظ التسبيح بمفرده وأحيانًا أخرى كان يتم ذكر التسبيح والتقديس في نفس الآية كما سنذكر فيما يلي:
1- ذكر التسبيح فقط
هناك العديد من الآيات القرآنية التي تم ذكر التسبيح فيها والمقصود بمعنى التسبيح في كل تلك الآيات هو التنزيه وهو نفسه المعنى المقصود من سبوح المذكورة في الدعاء ومن تلك الآيات ما يلي:
- قال الله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} سورة الجمعة الآية 1.
- قال الله عز وجل في سورة الإسراء: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} الآية 44.
- قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ} سورة النور الآية 41.
- قال الله عز وجل: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ} سورة التغابن الآية 1.
- قال الله تعالى في سورة البقرة: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} الآية 32.
2- ذكر اللفظان في نفس الآية
هناك بعض الآيات القرآنية التي ذكر فيها التسبيح والتقديس وراء بعضهما البعض وسنقوم بذكر تلك الآيات في السطور التالية:
- قال الله عز وجل: {الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} سورة الحشر/ الآية 23.
- قال الله تعالى في سورة البقرة: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} الآية رقم 30.
اقرأ أيضًا: ماذا نقول في التسبيح
ثانيًا: دلائل الروح في القرآن الكريم
إن لفظ الروح ذُكر كثيرًا في القرآن الكريم وغالبًا يتم ذكر الروح مع الملائكة معطوفًا عليها كما سنذكر في الآيات التالية:
- سورة النبأ: قال الله تعالى {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ} الآية رقم 38.
- سورة البقرة: قال الله تعالى في الآية 161 {أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} ثم قام بذكر الملائكة فقط في آيات أخرى مصل الآية 177 التي قال فيها الله عز وجل {وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ} والآية رقم 210 التي قال فيها {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ}.
- وتم ذكر الروح بمعناها الآخر أيضًا في سورة البقرة في الآية 253 التي قال الله تعالى فيها {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}.
- كذلك ذكرت في سورة الإسراء فقال الله عز وجل {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} الآية 85.
- كما ذكرت في سورة غافر في الآية 15 إذ قال الله عز وجل {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ}.
من المعروف عن فضل اتباع سنة الحبيب في أي أمر من أمور الدين، حيث إنه سيقودنا يوم القيامة إلى أن نُحشر في جنات الفردوس برفقة الأنبياء والمرسلين والأولين الصالحين.
