من هو أبو حنيفة النعمان

من هو أبو حنيفة النعمان؟ وما دوره في تدوين المذاهب الإسلامية؟ فقد لقب باسم الإمام الأعظم في ذكرى وفاته لدوره الكبير في تدوينه للكثير من الأحكام بالمذهب الإسلامي الحنفي، لذا سنجيب لكم عبر موقع زيادة عن سؤال من هو أبو حنيفة النعمان، ونذكر لكم أهم المعلومات التي تخصه.

من هو أبو حنيفة النعمان

من هو أبو حنيفة النعمان

للتعرف إلى من هو أبو حنيفة النعمان، نستطيع القول بأنه الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن مرزُبان الكوفي، حيث يقال إن أصله من مدينة الكوفة بالعراق.

يعد الإمام أبو حنيفة النعمان أحد أشهر الفقهاء والعلماء المسلمين، وهو أول من دون علم الشريعة، وعلى ذلك فيعد مذهبه من أقدم المذاهب التي تم وضعها بالدين الإسلامي.

وُلد الإمام أبو حنيفة النعمان بمدينة الكوفة عام 80 هجريًا الموافق 699 ميلاديًا، إلا أن خلاف في انتمائه للعراق، حيث يوجد الكثير من الروايات التي صرحت أنه من أصل فارسي، وهي روايات متداولة ومعروفة، وبعض الروايات الأخرى ذكرت أنه ذو أصل عراقي بابلي، إلا أن هذا الرأي قد رجحته الدراسات الأكاديمية حول نشأته الحقيقية.

أُثبتت عروبة أبى حنيفة النعمان من قبل بعض المؤرخين العرب، الذين ذكروا أنه يعمل بمهنة التجارة، ويرجع ذلك إلى عمل أبيه وجده بالتجارة، إلا أنه بعد ذلك اتجه إلى العلم وترك التجارة، فقام بإعطاء اهتمام كبير بالعلم والفقه وكان أول الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة.

بخصوص معرفة من هو أبو حنيفة النعمان، فقد يرجع تسمية المذهب الحنفي بهذا الاسم نسبة إلى أبى حنيفة النعمان الذي قام بتدوين الفقه فكان أول من دونه في كتب مرتبة على هيئة أبوابًا.

اقرأ أيضًا: من هو الصحابي الذي كان مجاب الدعوة؟

نشأة الإمام أبي حنيفة النعمان بمدينة الكوفة

نشأ الإمام أبو حنيفة النعمان بوقت كانت فيه مدينة الكوفة أحد المدن الحاضرة للعلم، وعلى ذلك فقد انتشر بها الفقه وأحاديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والقراءة والعلوم واللغة كأحد أسس التعليم الموجود بها في ذاك الوقت.

قضى الإمام أبو حنيفة النعمان الكثير من السنوات بمدينة الكوفة، حيث كان منصرفًا لمهنة التجارة إلى أن رآه الإمام عامر الشعبي فوجد فيه مخايل الذكاء وحسن التفكير ورجاحة العقل فأشار إليه بأن يجلس مع العلماء وأن يعطي للعلم اهتمامًا.

على أساس ذلك استجاب أبو حنيفة النعمان لحديث الإمام عامر الشعبي، وذهب إلى حلقات الدروس الفقهية بالكوفة ليتعلم منها، حيث تعلم كيف يروى الحديث ودرس الأدب وتعلم اللغة واتجه لدراسة علم الكلام، فتعلم طرق المجادلة مع أصحاب الفرق المختلفة، وطرق الحديث عن بعض المسائل المعقدة والمناقشة في أمورها.

ثم أنصرف بعد ذلك إلى تعلم الفقه فتعلم الكثير من الشيخ حماد بن أبى سليمان، واستمر على ذلك حتى بلغ من العمر ثمانية عشر عاماً.

تولى أبو حنيفة حلقات الفقه

بعدما توفي الشيخ حماد ابن أبى سليمان في عام 120 هجرياً، انتقلت رئاسة حلقات الفقه التي كانت تقام بمسجد الكوفة إلى الإمام أبو حنيفة النعمان، وكان ذلك حين كان عمرة يبلغ 40 عاماً.

التف حوله الكثير من التلاميذ بعدما تولى رئاسة حلقة الفقه، فتعلموا منه الكثير من العلم والفقه الذي تعلمه.

إلا أنه تميز عمن سبقه من الشيوخ بطريقته المبتكرة في حل القضايا والمسائل التي كانت بحلقات الفقه، فقد كان يقوم بطرح تلك المسائل على تلاميذه أولاً فيحاولون حلها حتى يسمع رأى كل تلميذ عن تلك الأسئلة ثم يقوم بعد ذلك بقول الحلول الصحيحة.

فقد كان يقوم بتصويب ما يراه خطأ من آراء تلاميذه، ثم يعقب برأيه، ثم يتفق هو وتلاميذه على رأى واحد في نهاية القول.

اهتم أبو حنيفة بتلاميذه اهتمامًا كبيرًا فأولى بهم الرعاية من خلال إنفاقه على غير القادرين منهم، كما قام بذلك مع تلميذه أبى يوسف حين تكفل به في عيشه عندما وجد أن متطلبات الحياة تلهيه عن اهتمامه بالعلم، فقام الإمام أبو حنيفة بمده بالمال الكافي ليستطيع العيش ويقدر على التفرغ إلى الدراسة.

قال أبى يوسف بخصوص ذلك” وكان يعولني وعيالي عشرين سنة، وإذا قلت له: ما رأيت أجود منك، يقول: كيف لو رأيت حماد –يقصد شيخه- ما رأيت أجمع للخصال المحمودة منه”.

بجانب توليه رئاسة الفقه استكمل أبو حنيفة النعمان عمله بالتجارة فكان يمتلك محلاً بمدينة الكوفة يبيع فيه الحرير، حيث كان يشاركه في المحل أحد الأشخاص، الذي قد أعانه على الاستمرار في خدمة العلم.

اقرأ أيضًا: من هو المهدي المنتظر

مصادر فقه أبى حنيفة وأصول مذهبه

في سياق عرض من هو أبو حنيفة النعمان، لا بد من توضيح مصادر الفقه التي كان يأخذ منها أبى حنيفة النعمان ، حيث ظهر تلك المصادر في قول بعض أقوال أهل العلم على حجية أقوال الصحابة رضى الله عنهم، حيث روى عنه أنه قال” آخذ بكتاب الله تعالى، فإن لم أجد فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذت بقول الصحابة، آخذ بقول من شئت منهم وأدع قول من شئت منهم، ولا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي وابن سيرين والحسن وعطاء وسعيد بن المسيبوعدَّد رجالاًفقوم اجتهدوا، فأجتهد كما اجتهدوا».

على أساس ذلك القول فقد كان مصدر الإمام أبو حنيفة النعمان معتمدًا على كتاب الله وسنة رسوله، وإن كان الأمر لم يورد في كتاب الله أو بسنة رسوله فقد كان يعتمد على قول الصحابة الذين سبقوه.

من خلال المصادر التي أتخذ منها الإمام أبو حنفية النعمان، يجدر بنا القول إنه لا يختلف عن غيره من الأئمة، حيث اتفقوا جميعاً على وجوب الرجوع لكتاب الله والسنة لأخذ ما تبين من الأحكام.

إلا أن أبو حنيفة قد تميز عن غيره في منهجه المستقل الذي اجتهد فيه بطريقة جعلته ينفرد عن باقي الأئمة الآخرين، بجانب طريقته الخاصة في استخراج الأحكام التي لا تقف على شكل النصوص بل تتصل بالمعنى العميق له، مما يشير إلى معنى متعمق في قصدها.

اتخاذ أبو حنيفة النعمان من الأحاديث مصدراً لمذهبه

بجانب اشتهار الإمام أبو حنيفة النعمان بقدرته الكبيرة على القياس والقول بالرأي، فقد أولى اهتمام كبير بالأحاديث والآثار أيضاً، ذلك من خلال وضعه لشروط متشددة لقبول قول الحديث، وعلى ذلك الأساس فقد بالغ في التحري وضبط الحديث، للتأكد من صحته ونسبته إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

كان لتشدد أبي حنيفة النعمان في قبول الأحاديث أثر كبير في جعله يتوسع في تفسير ما كان صحيح لديه منها، بجانب الإكثار من القياس عليها حتى يحارب مشكله التجدد في القول.

اتبع الإمام أبو حنيفة النعمان ما يسمى بالفقه التقديري وفرض المسائل، في حالة التعرض لمسائل قد تطرح عليه، بل إنه كان يفترض بعض المسائل التي لم تقع بالفعل ويقوم بقياسها ليستنبط منها أحكام، وعلى ذلك فقد كان أول من استخدم هذا النوع من الفقه بشكل كبير، حيث يقال إنه وضع ستين ألف مسألة من هذا النوع.

محنتان تعرض لهما أبو حنيفة

في سياق عرض من هو أبو حنيفة النعمان بشكل أدق يمكن معرفة بعض المحن والمواقف التي تعرض لها، حيث تعرض الإمام أبو حنيفة النعمان إلى محنتين بعصرين مختلفين من عصور الدول الإسلامية، وهما:

المحنة الأولى: أصابت الإمام أبو حنيفة النعمان في عصر الدولة الأموية، وقد كان السبب فيها وقوفه بثورة الإمام زيد بن علي، كما أنه رفض أن يعمل عند والي الكوفة الأمر الذي أدى إلى حبسه وضربه، ثم انتهت محنته بخروجه إلى مدينة مكة في عام 130 هجريًا، وظل مقيمًا بها حتى قدوم الخلافة العباسية.

المحنة الثانية: كانت تلك المحنة في عصر الدولة العباسية، ويرجع حدوثها إلى وقوف الإمام أبي حنيفة النعمان مع ثورة الإمام محمد النفس الزكية، فقد كان يطالب بمخالفة المنصورة في غاياته عندما يتم استفتائه.

إلا أنه امتنع عندما دعاه أبو جعفر المنصور ليتولى القضاء، فقد طلب منه أن يكون قاضي لكنه رفض ذلك، فحبسه حتى توفى في مدينة بغداد عام 150 هجريًا وتم دفنه بمقبرة الخيزران، وتم بناء جامع كبير بجوار قبرة أطلق عليه اسم الإمام الأعظم عام 375 هجرياً.

اقرأ أيضًا: من هو قاتل عمر بن الخطاب؟

تلاميذ أبى حنيفة النعمان

بعد التعرف إلى من هو أبو حنيفة النعمان يحرى بنا ذكر تلاميذه الذين تلقوا العلم على يده، حيث إنه لم يقم بكتابة أي كتاب عن الفقه يضم أراءه أو فتاواه.

لكنه كان يقوم بإملاء تلك المسائل الفقهية على تلاميذه، الذين كانوا يكتبونها ثم يقوموا بإرجاعها إليه ليقر منها ما هو صحيح، ويصحح ما هو خطأ أو يحذفها أو يغير ما يحتاج إلى تغيير.

من أشهر التلاميذ الذين تتلمذوا على يد الإمام أبي حنيفة النعمان، وتشربوا منه العلم والفقه عن المسائل والأحاديث، أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، ومحمد بن الحسن الشيباني.

  • أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم: أول من كتب ودون الكتب التي تحتوي على مذهب الإمام أبو حنيفة النعمان، حيث يعد كتاب الآثار وكتاب اختلاف أبى حنيفة وابن أبي ليلى من أشهر كتبه، كما أن لمنصبه القضائي دور في معاونته على الانتشار، إلا أنه توفي في عام 183 هجرياً، و799 ميلادياً.
  • محمد بن الحسن الشيباني: يرجع له الفضل في تدوين مذهب أبو حنيفة النعمان، رغم أن تعلمه من الإمام أبي حنيفة النعمان قد تم خلال فترة قصيرة إلا أنه استكمل دراسة الفقه على يد أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم، بجانب أنه أخذ عن الثوري والأوزاعي، وتوفى في عام 189 هجرياً، و805 ميلادياً، بالمدينة المنورة.

كان أبو حنيفة النعمان من أتقى الشخصيات الإسلامية التي كانت تخاف الله خوفًا شديدًا، كما أنه صاحب الفضل في معرفة المسلمين حلول كثيرة لمسائل حياتهم.